بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم الثلاثاء الموافق 17 / 2/2015
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / مصطفى حسين ألسيد أبو حسين نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأسـتاذ المسـتشار / محمد حازم البهنسى منصور نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السـيد الأستاذ المستشار الدكتور / محمد الدمرداش العقالى مـفـوض الدولـة
وسـكرتـارية الســـــيد / سامى عبد الله خليفة أمـيـن الســر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى رقم 29385 لسنة 69 ق
المقامة من:
محمود يوسف إبراهيم محمد
ضـد
1 – رئيس اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية ” بصفته “
2 – وزير الصحة بصفته الرئيس الأعلى للإدارة المركزية للطب العلاجى بوزارة الصحة والمجالس الطبية المتخصصة .
” الوقائع “
**********
أقام المدعى هذه الدعوى بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 3/2/2015 طالباً فى ختامها قبول الطعن شكلاً ، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ قرار المطعون ضده الثانى الصادر استناداً لقرار المطعون ضده الأول رقم 4 لسنة 2015 الخاص بالكشف الطبى على راغبى الترشح لانتخابات مجلس النواب القادمة وفقاً لحكم محكمة القضاء الإدارى فى هذا الشأن بتحصيل رسم مقداره 9 آلاف جنيه مقابل توقيع الكشف الطبى ، مع ما يترتب على ذلك من آثار ، أخصها عدم تحصيل المبلغ وإلزام المستشفيات التى حددها القرار بإجراء الكشف بدون رسم أو على نفقة الدولة مع تنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان وإلزام المدعى عليهما مصروفات الشق العاجل ، وبصفة موضوعية بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع الأتعاب والمصاريف .
وذكر المدعى شرحاً لدعواه ، أن المطعون ضده الأول أصدر القرار المشار إليه وفقاً لحكم محكمة القضاء الإدارى فى هذا الشأن ، واستناداً لهذا القرار أصدر المطعون ضده الثانى قراراً بتحصيل رسم مقداره تسعة آلاف جنيه مقابل توقيع الكشف الطبى على راغبى الترشح لمجلس النواب القادم ، على أن تكون التقارير الطبية المعتمدة من مستشفى هرمل بدار السلام والشيخ زايد بالدويقة التابعين للقطاع العلاجى بوزارة الصحة جزءاً أساسياً من مستندات الترشيح . وقد أكد رئيس الإدارة المركزية للطب العلاجى بوزارة الصحة أن الكشوف والفحوص الطبية ستتكلف المبلغ المذكور (6 آلاف للكشوف الطبية ، 3 آلاف للفحوصات والتحاليل والأشعة ) . وأضاف المدعى أنه يزمع الترشح للانتخابات المذكورة عن الدائرة الأولى بمحافظة الأقصر ، لذلك قام بتسجيل بياناته على موقع المجالس الطبية المتخصصة حتى يتمكن من الترشح ، ففوجئ بصدور قرار تحصيل الرسوم المشار إليها كشرط لتوقيع الكشف الطبى عليه .
وينعى المدعى على هذا القرار مخالفته للدستور والقانون ، لأنه لا يجوز فرض رسم إلا بقانون ، كما أن القرار يضع قيوداً غير ضرورية مما يمثل عبئاً على غير القادرين والشباب مما قد يمنعهم من ممارسة حقهم فى الترشح ، فضلاً عن أنه لا جدوى من تطبيق ما تم فى انتخابات الرئاسة على مرشحى البرلمان ، وقد خلا قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الانتخابات من ذلك ، الأمر الذى يؤكد بطلان القرار ، ويتعين وقف تنفيذه لما يترتب عليه من آثار ثم إلغائه نظراً لحالة الاستعجال .
وقد تحدد لنظر الشق العاجل من الدعوى جلسة 10/2/2015 حيث قدم الحاضر عن الدولة مذكرة دفاع وحافظة مستندات ، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم ، ومذكرات خلال ثلاثة أيام ، وخلالها لم يجر تقديم أية مذكرات وفى هذا اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
المحكمة
*********
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة .
من حيث إن حقيقة ما يهدف إليه المدعى من دعواه هو الحكم بقبولها شكلاً ، وبوقف تنفيذ قرار اللجنة العليا للانتخابات رقم 24 لسنة 2015 بشأن توقيع الكشف الطبى على المترشحين لانتخابات مجلس النواب 2015 فيما تضمنه من إلزام المترشح بسداد التكلفة الفعلية للكشوف الطبية والفحوص اللازمة ، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها عدم أداء هذه التكلفة مع تنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان ، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وإلزام المدعى عليهما المصروفات فى الحالين .
ومن حيث إن الدعوى استوفت سائر الأوضاع الشكلية المقررة ، ومن ثم يتعين الحكم بقبولها شكلاً .
ومن حيث إنه يشترط للحكم بوقف تنفيذ القرار الإدارى المطعون فيه ، طبقاً لحكم المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972توافر ركنين مجتمعين ، أولهما : ركن الجدية ، بأن يكون هذا القرار ، بحسب ظاهر الأوراق ، غير مشروع ويرجح الحكم بإلغائه عند الفصل فى موضوع الدعوى . وثانيهما ركن الاستعجال : بأن يترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها إذا قضى بإلغائه .
ومن حيث إنه عن ركن الجدية ، فإن المادة (8) من قانون مجلس النواب الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 2014 حددت الشروط الواجب توافرها فيمن يترشح لعضوية المجلس ، ومن بينها ، أن يكون المترشح مصرياً متمتعاً بالجنسية المصرية منفردة ، ومتمتعاً بحقوقه السياسية ، وأن يكون مدرجاً بقاعدة بيانات الناخبين بأى من محافظات الجمهورية . وقد كشفت محكمة القضاء الإدارى بحكمها الصادر بجلسة 20/1/2015 فى الشق العاجل من الدعوى رقم 20868 لسنة 69 قضائية عن أن ثمة شروط أخرى مفترضة يتعين توافرها فى المترشح لعضوية مجلس النواب ، وإن لم يرد بها نص صريح فى القوانين الحاكمة لهذا الترشح ، ومن هذه الشروط ، أن يكون المترشح محمود السيرة حسن السمعة ، وأن يكون مستوفياً شرط اللياقة الذهنية والنفسية بالقدر الذى يكفى لأداء واجبات العضوية ، ومن هذه الشروط أيضاً ، ألا يكون من متعاطى المخدرات والمسكرات .
ومن حيث إن المادة (10) من قانون مجلس النواب المشار إليه ، تقضى بأن يقدم طلب الترشح لعضوية مجلس النواب ، فى الدوائر المخصصة للانتخاب بالنظام الفردى ، من طالب الترشح كتابة إلى لجنة انتخابات المحافظة التى يختارها للترشح ، خلال المدة التى تحددها اللجنة العليا للانتخابات على ألا تقل عن خمسة أيام من تاريخ فتح باب الترشح . ويكون طلب الترشح مصحوباً بالمستندات التى حددها النص ، ومن بينها ، صحيفة الحالة الجنائية لطالب الترشح ، وشهادة تأدية الخدمة العسكرية الإلزامية ، أو ما يفيد الإعفاء من أدائها طبقاً للقانون ، وإيصال إيداع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه ، خزانة المحكمة الابتدائية المختصة بصفة تأمين ، والمستندات الأخرى التى تحددها اللجنة العليا للانتخابات لإثبات توافر الشروط التى يتطلبها القانون للترشح . وتسرى هذه الأحكام على مترشحى القوائم ، على أن يتولى ممثل القائمة الانتخابية اتخاذ إجراءات ترشحهم بطلب على النموذج الذى تعده اللجنة العليا للانتخابات ، مصحوباً بالمستندات التى تحددها اللجنة لإثبات صفة كل مترشح بالقائمة .
ومن حيث إنه من مفاد المادة (10) من قانون مجلس النواب آنفة البيان ، أن أصل الالتزام بإعداد المستندات اللازم إرفاقها بطلب الترشح لعضوية مجلس النواب ، سواء فى الدوائر المخصصة للانتخابات بالنظام الفردى أو فى الدوائر المخصصة للانتخابات بالقوائم ، للتحقق من استيفاء المترشح للشروط المقررة قانوناً للترشح ، يقع على عاتق المترشح وتبعاً لذلك يكون هو الملتزم بالأعباء المالية اللازمة لتجهيز تلك المستندات ، كما أنه هو الملتزم بأداء مبلغ التأمين المنصوص عليه فى الفقرة الثانية من المادة المذكورة .
ومن حيث إنه لما كان ذلك ، وكانت اللجنة العليا للانتخابات ، تنفيذاً لحكم محكمة القضاء الإداري الصادر بجلسة 20/1/2015 فى الشق العاجل من الدعوى سالفة الذكر ، أصدرت قرارها رقم 24 لسنة 2015 والذى ينص فى المادة الأولى منه على أنه ” تنفيذاً لحكم محكمة القضاء الإداري فى الدعوى رقم 20868 لسنة 69 ق ، على طالب الترشح لمجلس النواب التقدم لتوقيع الكشف الطبى عليه بالمستشفيات التى تحددها وزارة الصحة لبيان مدى تمتعه باللياقة البدنية والذهنية والنفسية بالقدر الذى يكفى لأداء واجبات العضوية ، وأنه ليس من متعاطى المخدرات والمسكرات ، وذلك مقابل سداد التكلفة الفعلية التى تقدرها وزارة الصحة للكشوف الطبية والفحوصات اللازمة ” . وتنفيذاً لذلك ، صدر بتاريخ 4/2/2015 قرار وزير الصحة رقم 90 لسنة 2015 الذى ينص فى المادة (1) على أن ” تتولى الإدارة العامة للمجالس الطبية المتخصصة توقيع الكشف الطبى على طالب الترشح لعضوية مجلس النواب ، وذلك بمعرفة لجنة تشكل لهذا الغرض بكل محافظة من محافظات الجمهورية ” ، وينص فى المادة (2) على أن ” يقدم طالب الترشح طلب توقيع الكشف الطبى عليه بنفسه إلى اللجنة المذكورة على أن يلتزم بالحضور فى الميعاد المحدد له من قبل اللجنة ” ، وينص فى المادة (4) منه على أن ” يلتزم طالب الترشح بسداد نفقات الكشف الطبى الموقع عليه ، وما قد يستلزمه ذلك من فحوصات وتحاليل طبية أساسية وإضافية ، وذلك وفقاً لما تحدده المجالس الطبية المتخصصة ، على أن يرفق إيصال السداد بطلب توقيع الكشف الطبى ” .
ومؤدى ذلك ، أن المترشح لعضوية مجلس النواب هو المنوط به تحمل مقابل التكلفة الفعلية لإجراء الكشوف الطبية والفحوص اللازمة للتحقق من توافر شرط اللياقة اللازم توافره قانوناً للترشح لعضوية مجلس النواب ، وذلك امتداداً للأصل العام الذى تقرره المادة (10) من قانون مجلس النواب ، وباعتبار أن هذا المقابل يؤدى للدولة لقاء ما تقدمه للمترشح من خدمة طبية ، من خلال الجهات المختصة بوزارة الصحة التى حددها قرار وزير الصحة رقم 90 لسنة 2015 المشار إليه ، حتى يتسنى له استيفاء مستندات طلب الترشح .
ومن حيث إن قيمة التكلفة الفعلية لإجراء الكشوف الطبية والفحوص اللازمة للتحقق من استيفاء المترشح لعضوية مجلس النواب لشرط اللياقة ، وشرط عدم تعاطى المخدرات والمسكرات على النحو الذى استظهرته محكمة القضاء الإدارى بحكمها المشار إليه ، لا تعد على الوجه الآنف بيانه ، إتاوة لا سند لها ، كما أنها ليست رسماً بالمعنى الفنى للرسم يمتنع تقريره فى غيبة نص القانون الذى يجيز ذلك ، إعمالاً لأحكام الدستور ، وإنما هى محض ثمن أو مقابل للخدمة التى تقدمها الدولة للمترشح بناء على طلبه ، لا يتقيد فى تقريره بالضوابط الدستورية لفرض الرسم .
ومن حيث إن العمل العام ، ومن صوره المشاركة فى عضوية مجلس النواب ، هو عمل تطوعى بالأساس ، وأن السعى للاضطلاع به له أهله الذين تتوافر فيهم الملكات والقدرات اللازمة لذلك ، كما تتوافر لديهم الإمكانات التى تعينهم على بلوغ هذه الغاية ، ومن ذلك المقدرة المالية على الوفاء بمتطلبات الترشيح والدعاية الانتخابية وخدمة جمهور المواطنين ، والوفاء بمتطلبات العضوية ومقتضياتها ، الأمر الذى يقتضى لزوماً تحمل المترشح بالأعباء المالية والبدنية والذهنية التى يفرضها مسعاه ، وهو ما يتنافى ومحاولة التحلل من ذلك العبء المالى وإلقائه على عاتق الموازنة العامة للدولة ، فى غيبة السند القانونى لتحميل الموازنة بهذا العبء ، لا سيما وأنه ليس ثمة دليل على أن المقابل المشار إليه يجاوز التكلفة الفعلية للكشف والفحوص المطلوبة بما يخرجه عن طبيعته كثمن ، بالإضافة إلى أن ظاهر الحال أن هذا المقابل لا يقارن بحال من الأحوال بنفقات وتكاليف الدعاية التى يقع على كاهل المترشح تحملها للفوز بالعضوية .
ومن حيث إن البادى من ظاهر الأوراق ، فى ضوء ما سبق بيانه ، أن القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلزام المترشح بأداء مقابل التكلفة الفعلية لإجراء الكشوف والفحوص الطبية اللازمة للتحقق من شرط اللياقة المشار إليه ، وأنه ليس من متعاطى المخدرات والمسكرات ، لا ينطوى على مخالفة لأحكام القانون توصمه بعدم المشروعية ، الأمر الذى لا يكون معه هذا القرار مرجح الإلغاء ، مما ينتفى معه ركن الجدية ، ويتعين والحال كذلك القضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، دون حاجة لبحث مدى توافر ركن الاستعجال لعدم جدواه .
ومن حيث إن من يخسر الدعوى ، يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة (186) من قانون المرافعات .
فلـــــهذه الأسباب
************
حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلاً ، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، وألزمت المدعى مصروفات هذا الطلب ، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها .
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة