بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم الثلاثاء الموافق 25 / 11 /2014
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ يحيى احمد راغب دكرورى نائب رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عبد المجيد أحمد حسن المقنن نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأسـتاذ المسـتشار / محمود فؤاد عبد العزيز محمد نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السـيد الأستاذ المستشار / محمد الدمرداش العقالى مـفـوض الدولـة
وسـكرتـارية الســـــيد / سامي عبد الله خليفة أمـيـن الســر
_____________________________أصدرت الحكم الآتي____________________________
في الدعوى رقم59254لسنة 68 ق
المقامة من:
محمد صديق محمود سيد
ضـد
1 – وزير الداخلية .
2- مساعد وزير الداخلية رئيس جهاز الأمن الوطني ” بصفته “
3- مدير الإدارة العامة للمعلومات والحاسب الآلي ” بصفته “
” الوقائع “
**********
أقام المدعى دعواه الماثلة بموجب عريضة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 3/6/2014 طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون عليه فيما تضمنه من الامتناع عن رفع اسمه من جهاز معلومات الأمن الوطني ومحو هذه المعلومة من وزارة الداخلية مع ما يترتب على ذلك من آثار .
وذكر المدعى شرحاً لدعواه أنه فؤجى باستبعاد نجل أخيه من التعيين بالنيابة العامة لوجود معلومة تخصه لدى جهاز الأمن الوطني وهى اشتباه تطرف رغم أنه يتمتع بحسن السمعة وصحيفة الحالة الجنائية له ناصعة , مما حدا به لإقامة دعواه الماثلة بطلباته سالفة البيان .
ونظرت المحكمة الشق العاجل من الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قدم الحاضر عن المدعى حافظتي مستندات وقدم الحاضر عن الدولة حافظة مستندات ومذكرة دفاع وبجلسة 28/10/2014 قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم ومذكرات في أسبوع ولم تقدم أية مذكرات خلال الآجل , وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .
المحكمة
*********
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، و المداولة .
من حيث إن المدعى يطلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن رفع اسمه من التسجيل الجنائي ومحو بياناته من الحاسب الآلي بوزارة الداخلية مع ما يترتب على ذلك من آثار .
ومن حيث إنه عن الدفع المبدي من نائب الدولة بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري فإنه مردود بأن المستقر عليه أنه لا يشترط في القرار الإداري شكل معين وإنما هو اعتباره تعبيراً صادراً عن جهة الإدارة بقصد إحداث أثر قانوني معين وذلك بتعديل مركز قانوني أو إلغائه وبالتالي فإنه يمكن استخلاصه من تصرفات جهة الإدارة و سلوكها حيال موقف أو طلب معين من أحد المواطنين , ولا ريب أن في إدراج اسم المدعى على كارت المعلومات الجنائية ” ( الإلكترونية ) بفئاتها المختلفة المدون أمام اتهامه في إحدى الجرائم التي تؤثر في مركزه القانوني في كل ما يترتبط بذلك الاتهام , وعليه فإن ذلك الإدراج يمثل قراراً اداراياً متكامل الأركان يكون من حق صاحب الشأن الطعن فيه دون أن ينال من ذلك ما تردده الجهة الإدارية من أن هذه المعلومات إنما يتم الاستفادة بها في التحريات وأعمال البحث الجنائي بحسبان أن أثر ذلك القيد إنما ينال يقيناً من المركز القانوني للمدعى وبذلك يتوافر في هذا الإدراج كامل أركان القرار الإداري الذي يجوز الطعن عليه , الأمر الذي تقضى معه المحكمة برفض الدفع المبدي في هذا الخصوص .
وإذ استوفت الدعوى سائر أوضاعها الشكلية الأخرى فإنها تكون مقبولة شكلا ً .
ومن حيث انه يشترط للقضاء بوقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين مجتمعين : هما ركن الجدية بأن يكون ادعاء الطالب قائماً بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب يرجح معه الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه عند الفصل فى الموضوع ,وركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج قد يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه .
ومن إنه عن ركن الجدية فإن المادة (53) من الدستور تنص على أن ” المواطنون لدى القانون سواء , وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة ,………..”وتنص المادة (95) على أن ” العقوبة شخصية , ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون , ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي , ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون “
ومن حيث إن المادة (454) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه ( تنقضي الدعوى بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المستندة فيها إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة )
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع الدستوري قد ضمن الحرية الخاصة للفرد وصانها من أي اعتداء مادي أو معنوي بإقراره مبدأ المساواة بين المواطنين وأن العقوبة شخصية , ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص , وأن العقوبة لا توقع إلا بحكم قضائي وأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية ,بحسبان أن ذلك من أهم المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الدولة القانونية .
ومن حيث إنه وفقاً للمبادئ الدستورية والقانونية فإنه يتعين عقد المواءمة بين حق الجهة الإدارية في الحفاظ على الأمن العام واستخدام التكنولوجيا ( كارت المعلومات ) في رصد تحركات المجرمين لمنع الجريمة قبل وقوعها وإيجاد الوسائل للحيلولة دون أن يتحول ما يثبت في التسجيل الجنائي من السلوك الإجرامي إلى مخاطر تضر بالمجتمع وهى لا ريب غايات سامية تسعى إليها الجهات القائمة على الأمن , وبين الحفاظ على حريات المواطنين واحترام الأحكام القضائية الصادرة لصالحهم أو القواعد القانونية الحاكمة التي تمنح لهم حقاً , وهو ما يفرض قيوداً على الجهة الأمنية فلا تقوم إلا بإدراج الخطرين على الأمن العام فيما يسمى كارت المعلومات الجنائية , وأن تراعى التحديث المستمر للبيانات التي قامت بإدراجها ومتابعة ما يتم بشأنها لدى الجهات المعنية ( النيابة العامة أو المحاكم الجنائية ) لرصد ما صدر منها من استبعاد الشخص من الاتهام , وأوامر الحفظ أو بالأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية , وما صدر من أحكام بالبراءة أو بسقوط الدعوى الجنائية أو سقوط العقوبة بمضي المدة , أو الحكم برد الاعتبار , مع الأخذ في الاعتبار أن التسجيل الجنائي وهو إجراء وقائي احترازي تمارسه جهة الإدارة يتعين ألا يمتد أثره للنيل من حقوق الأفراد وحرياتهم أو اتخاذ وسيله للتنكيل بهم لاسيما وأن الجهة الإدارية لديها وسيلة قاطعة لرصد الأحكام الجنائية وهى صحيفة الحالة الجنائية.
ومن ثم فإنه يتعين لضمان سلامة التسجيل الجنائي أن يتضمن هذا التسجيل حقائق جنائية ثابتة ومبنية على قرارات أو أحكام قضائية فاصلة وأن تراجع تلك البيانات دورياً لتحديث ما ورد بها من معلومات لتصحيح الأخطاء الواردة بها , واستكمال البيانات التي وردت بشأنها حتى لا يؤاخذ صاحبها بغير حق أو تدمج سمعته بالباطل , أو تضفى ظلالاً من الشك حول سيرته .
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم ولما كان البين من ظاهر الأوراق وبالقدر اللازم للفصل فى الشق العاجل دون التغول على موضوع الدعوى , أن المدعى تم تسجيله بمصلحة الأمن العام لسابقة اتهامه فى القضية رقم 2241 لسنة 2009 مركز الفتح ” سرقة تيار كهربائي” حصر 2846لسنة 2010 وقضى فيها غيابياً بالحبس لمدة سبعة أيام وبجلسة 27/7/2010 إخلاء سبيله وفقاً لما ورد برد الجهة الإدارية على الدعوى , وإذا قدم المدعى شهادة صادرة من نيابة الفتح الجزئية – بناء على تصريح المحكمة – تفيد أن القضية رقم 2241لسنة 2009 جنح الفتح سرقة تيار كهربائي مقيدة ضد/ سيد صديق محمود عبد الله , بما مواده أن القضية المسجل عنها المدعى لا تخصه وفقاً للشهادة المقدمة والتي لم تنكرها جهة الإدارة أو تقدم ما ينفيها , الأمر الذي يضحى معه تسجيل المدعى على كارت المعلومات للحاسب الآلي بمصلحة الأمن العام عن هذه القضية قائماً على غير سند قانوني ويمثل اعتداء على حرية المدعى الشخصية , الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تسجيل هذه القضية على المدعى بحسب الظاهر مخالفاً للقانون ومرجح الإلغاء بما يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ .
ومن حيث إنه عن ركن الاستعجال فهو متوافر بحسبان أن الاعتداء على الحرية الشخصية بطبيعته من الأمور التي تقتضى الفصل على وجه الاستعجال وإذ استوي طلب وقف التنفيذ على ركنيه من الجدية والاستعجال فمن ثم تقضى المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار .
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم مصروفاتها عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات .
فلـــــهذه الأسباب
************
حكمت المحكمة: بقبول الدعوى شكلاً , وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار , وألزمت جهة الإدارة مصروفات الطلب العاجل وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء .
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة