بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم الثلاثاء الموافق 25 / 11 /2014
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المجيد أحمد حسن المقنن نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار /سامي رمضان محمد درويش نائب رئيس مجلس الدولة
والسيد الأسـتاذ المسـتشار / محمد عبد الفتاح عباس محمود القرشي نائب رئيس مجلس الدولة
وحضور السـيد الأستاذ المستشار / محمد الدمرداش العقالى مـفـوض الدولـة
وسـكرتـارية الســـــيد / سامي عبد الله خليفة أمـيـن الســر
_____________________________أصدرت الحكم الآتي____________________________
في الدعوى رقم48916 لسنة 68ق
المقامة من:
محمد محمد محمد شبايك
ضـد
1 – رئيس الجمهورية ” بصفته “
2- رئيس مجلس الوزراء ” بصفته “
3- وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري والسجل العيني ” بصفته “
4- وزير الداخلية ” بصفته “
5- مساعد أول وزير العدل ورئيس اللجنة المشكلة لتنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 2315لسنة 2013مستعجل القاهرة ” بصفته “
6- محافظ البنك المركزي .
” الوقائع “
**********
أقام المدعي هذه الدعوي بصحيفة أودعت ابتداءاً قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالشرقية بتاريخ 20/4/2014 حيث قيدت بجدولها العام تحت رقم 5056 لسنة 19 ق وطلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا ً وبصفه مستعجلة بوقف تنفيذ قرار جهة الإدارة فيما تضمنه من التحفظ على أمواله العقارية والمنقولة والسائلة وكافة حساباته المصرفية والودائع والخزائن المستغلة لمصلحته طرف البنوك مع ما يترتب على ذلك من آثار ,وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان , وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وذكر المدعى شرحاً للدعوي أن محكمة القاهرة للأمور المستعجلة أصدرت حكماً في الدعوي رقم 2315 لسنة 2013 مستعجل القاهرة بحظر أنشطة تنظيم الأخوان المسلمين والتحفظ علي أمواله والتحفظ علي أموال الأشخاص المنتمين إليه ، وأصدرت اللجنة المشكلة بمعرفة جهة الإدارة لتنفيذ الحكم المشار إليه قراراً بالتحفظ علي أموال ومنعه من التصرف فيها ، ونعي المدعى علي هذا القرار أنه صدر مخالفاً للقانون وغير قائم علي أسباب تبرره.
وتداولت المحكمة نظر الدعوي علي الوجه الثابت بمحاضر الجلسات , وبجلسة 16/3/2014 قررت المحكمة أحالة الدعوى للدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص .
ونفاذاً لما تقدم أحيلت الدعوى إلى هذه الدائرة , حيث قيدت بجدول المحكمة بالرقم المشار إليه عاليه , وتدوولت بجلساتها على النحو الثابت بمحاضرها ,حيث أودع المدعى حافظة مستندات ,كما أودعت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات ومذكرة دفاع دفعت فيها أصلياً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوي ، واحتياطياً بعدم قبول الدعوي لانتفاء القرار الإداري , وعلى سبيل الاحتياط برفض الدعوى وبجلسة 21/10/2014 قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة اليوم مع التصريح بتقديم مذكرات خلال أسبوع ، وانقضى الآجل المحدد دون أن يقدم أي من أطراف الخصومة أية مذكرات , وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
*********
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة .
من حيث إن المدعي يهدف من دعواه إلي الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار اللجنة المشكلة بقرار وزير العدل رقم 7995 لسنة 2013 لتنفيذ الحكم الصادر في الدعوي رقم 3215 لسنة 2013 مستعجل القاهرة فيما تضمنه من التحفظ علي أمواله ومنعه من التصرف فيها مع ما يترتب علي ذلك من آثار.
وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب علي ذلك من آثار .
ومن حيث إنه عن الدفع المبدي من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوي لتعلقها بمنازعة في تنفيذ حكم مدني صادر في الدعوي رقم 3215 لسنة 2013 مستعجل ، وينعقد الاختصاص بنظرها لقاضي التنفيذ طبقاً لنص المادة (275) من قانون المرافعات ، فإن الأعمال التنفيذية التي تقوم بها جهة الإدارة عند تنفيذ الأحكام والتي لا تعد من القرارات الإدارية وإنما من إجراءات التنفيذ – هي الأعمال التي تقتصر علي وضع الحكم موضع التنفيذ ، فلا تصدر تعبيراً عن إرادة ذاتية لجهة الإدارة القائمة علي التنفيذ ولا تهدف منها تحقيق أي أثر قانوني لم يتضمنه الحكم ، فلا تملك الجهة الإدارية القائمة علي التنفيذ أن تضيف إلي الحكم ما لم يتضمنه أو أن تنتقص مما قضي به ، والثابت من الأوراق أن المدعي لم يختصم في الدعوي رقم 3215 لسنة 2013 مستعجل القاهرة ، ولم يحكم عليه بشئ فيها ، وأن التحفظ علي أمواله ومنعه من التصرف فيها تم بقرار من اللجنة المشكلة بقرار وزير العدل رقم 7995 لسنة 2013 لتنفيذ الحكم المشار إليه ، وأن القرار المطعون فيه لم يصدر كأثر مباشر للحكم السالف البيان ، ولا تربطه به صلة ، ولا تجمعه وإياه وشيجة ، وإنما صدر القرار المطعون فيه تعبيراً عن إرادة اللجنة الإدارية التي شكلت لتنفيذ الحكم ، ولا يعد من أعمال تنفيذ ذلك الحكم حتى يمكن القول باختصاص قاضي التنفيذ بنظر الدعوي الماثلة باعتبارها من منازعات تنفيذ الأحكام المدنية ، وقد استجمع القرار المطعون فيه أركان القرار الإداري ، وينعقد الاختصاص الولائي بالطعن عليه لمحاكم مجلس الدولة طبقاً لنص المادة (190) من الدستور والمادة (10) من قانون مجلس الدولة ، ومن ثم فإن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوي يكون قد بُني علي أساس غير سليم ، ولا سند له ويتعين الحكم برفضه ، وتكتفي المحكمة بالإشارة إلي ذلك في الأسباب.
ومن حيث إنه عن الدفع المبدي من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوي لانتفاء القرار الإداري ، فإن ما أوردته المحكمة في الرد علي الدفع السابق يُظهر عدم صحة هذا الدفع ويكفي للرد عليه ، ويتعين الحكم برفض هذا الدفع ، وتكتفي المحكمة بالإشارة إلي ذلك في الأسباب دون المنطوق.
ومن حيث إن الدعوي استوفت أوضاعها الشكلية كافة فمن ثم يتعين الحكم بقبولها.
ومن حيث إنه عن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يشترط للحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري طبقاً لنص المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تحقق ركني الجدية والاستعجال ، بأن يكون القرار محل الطعن – بحسب ظاهر الأوراق – غير مشروع ويرجح الحكم بإلغائه عند الفصل في موضوع الدعوي ، وأن يترتب علي تنفيذه نتائج يتعذر تداركها إذا قضي بإلغائه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 8/7/2013 والذي صدر القرار المطعون فيه في ظل العمل به تضمن النصوص التالية:-
المادة (11) : “……. الملكية الخاصة مصونة ، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة بالقانون وبحكم قضائي ، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل ، وذلك كله وفقاً للقانون….”
المادة (14) “……. العقوبة الشخصية ، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء علي قانون ، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي……”
المادة (15) “….. سيادة القانون أساس الحكم في الدولة ……..”
وتضمن الدستور المصري الصادر عام 2014 – والذي استمر العمل بالقرار المطعون في ظله – المبادئ الدستورية المشار إليها في المواد 35 ، 94 ، 95 ، وتنص المادة (96) من هذا الدستور علي أن : ” المتهم برئ حتي تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه …”
وتضمن القانون المدني المواد التالية:-
المادة (729): : الحراسة عقد يعهد الطرفان بمقتضاه إلي شخص آخر بمنقول أو عقار أو مجموع من المال يقوم في شأنه نزاع أو يكون الحق فيه غير ثابت ، فيتكفل هذا الشخص بحفظة وبإدارته وبرده مع غلقة المقبوضة إلي من يثبت له الحق فيه…”
المادة (730) ” يجوز للقضاء أن يأمر بالحراسة :
1- في الأحوال المشار إليها في المادة السابقة…..
2- إذا كان صاحب المصلحة في منقول أو عقار قد تجمع لديه من الأسباب المعقولة ما يخشي معه خطراً عاجلاً من بقاء المال تحت يد حائزه . 3. في الأحوال الأخرى المنصوص عليها في القانون..”
المادة (802): ” لمالك الشئ وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه.”
المادة (805): ” لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي يرسمها ويكون ذلك في مقابل تعويض عادل.”
وتنص المادة (208 مكرراً أ ) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 علي أن ” في الأحوال التي تقوم فيها من التحقيق أدلة كافية علي جدية الاتهام في أي من الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، وغيرها من الجرائم التي تقع علي الأموال المملوكة للدولة …….. إذا قدرت النيابة العامة أن الأمر يقتضي اتخاذ تدابير تحفظية علي أموال المتهم بما في ذلك منعه من التصرف فيها أو إدارتها وجب عليها أن تعرض الأمر علي المحكمة الجنائية المختصة طالبة الحكم بذلك ضماناً لتنفيذ ما عسي أن يقضي به من غرامة أو رد أو تعويض.
وللنائب العام عند الضرورة أو في حالة الاستعجال أن يأمر مؤقتاً بمنع المتهم أو زوجة أو أولاده القصر من التصرف في أموالهم أو إدارتها ، و يجب أن يشمل أمر المنع من الإدارة علي تعيين من يدير الأموال المتحفظ عليها ، وعلي النائب العام في جميع الأحوال أن يعرض أمر المنع علي المحكمة الجنائية المختصة خلال سبعة أيام علي الأكثر من تاريخ صدوره ، بطلب الحكم بالمنع من التصرف أو الإدارة وإلا اعتبر الأمر كأن لم يكن ، وتصدر المحكمة الجنائية المختصة حكمها ….. بعد سماع أقوال ذوي الشأن……”
وتنص المادة (3) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ علي أن ” لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يتخذ التدابير المناسبة للمحافظة علي الأمن والنظام العام وله علي وجه الخصوص :………. 4- الاستيلاء علي أي منقول أو عقار ويتبع في ذلك الأحكام المنصوص عليها في قانون التعبئة العامة فيما يتعلق بالتظلم وتقدير التعويض. 5-………..”
وتضمن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 87 لسنة 1960 في شأن التعبئة العامة:
المادة (2) ” يترتب علي إعلان التعبئة العامة :……… ثالثاً: إخضاع المصانع والورش والمعامل التي تعين بقرار من وزير الدفاع للسلطة التي يحددها وذلك في تشغيلها وإدارتها وإنتاجها…..”
المادة (5) “……. وللوزير المختص أن يصدر قرارات بوضع أموال هؤلاء الرعايا تحت الحراسة وكذلك أموال الشركات والمؤسسات والهيئات التي يكون لهم مصالح جدية فيها.”
المادة (24) ” لرئيس الجمهورية أو من يفوضه أن يصدر قراراً بكل أو بعض التدابير الآتية اللازمة للمجهود الحربي:…….. رابعاً: الاستيلاء علي العقارات أو شغلها . خامساً: الاستيلاء علي المحال العامة والمحال الصناعية والتجارية سادساً: الاستيلاء علي العمليات الخاصة بموضوع إلتزام مرفق عام……”
ومفاد ما تقدم أن الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 8/7/2013 والذي صدر القرار المطعون فيه في ظل العمل بأحكامه ثم الدستور الصادر عام 2014 والذي استمر العمل بالقرار المطعون فيه في ظله تضمناً عدداً من المبادئ التي تصون الحقوق والحريات ، ومنها مبدأ خضوع الدولة للقانون ، وأن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة ، ومبدأ صيانة وحماية الملكية الخاصة وعدم جواز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي ، وحظر نزع الملكية الخاصة إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل ، ومبادئ شخصية العقوبة ، وأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء علي قانون وعدم توقيع عقوبة إلا بحكم قضائي كما تضمن الدستور الصادر عام 2014 كفالة حق الدفاع وأن المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه.
وتضمن القانون المدني تنظيم الملكية الخاصة ، وعقد لمالك الشئ وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه ، وحظر المشرع أن يُحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون ومقابل تعويض عادل ، ونظم المشرع فرض الحراسة علي الأموال الخاصة وحدد أنواعها ومنها الحراسة الاتفاقية التي تعتبر عقداً من عقود القانون الخاص والحراسة القضائية التي تفرض في الحالات التي يحددها القانون ، بموجب حكم قضائي.
وكما نظم المشرع في المادة (208 مكرراً أ ) من قانون الإجراءات الجنائية منع المتهمين في عدد من الجرائم المحددة علي سبيل الحصر من التصرف في أموالهم أو إدارتها بموجب حكم من المحكمة الجنائية المختصة ، وأجاز المشرع للنائب العام عند الضرورة أو في حالة الاستعجال أن يأمر مؤقتاً بمنع المتهم أو زوجة أو أولاده القصر من التصرف في أموالهم أو إدارتها علي أن يعرض أمر المنع علي المحكمة الجنائي المختصة خلال سبعة أيام علي الأكثر من تاريخ صدور أمر المنع وإلا اعتبر الأمر كأن لم يكن ، وتصدر المحكمة الجنائية المختصة حكمها بعد سماع أقوال ذوي الشأن ، ونظم المشرع في قانون الإجراءات الجنائية إجراءات التظلم من الحكم الصادر بالمنع من التصرف أو من إدارة الأموال.
وإذا كان الدستور قد أوجب علي جهة الإدارة حماية الملكية الخاصة وحظر عليها نزعها إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل ، فإن المشرع نظم الحالات التي يجوز فيها لجهة الإدارة من أجل تحقيق المصلحة العامة أن تتدخل لتستولي علي الملكية الخاصة مؤقتاً أو لوضعها تحت الحراسة الإدارية ومن ذلك – علي سبيل المثال – الاستيلاء علي المنقولات والعقارات طبقاً لأحكام قانون حالة الطوارئ والاستيلاء علي العقارات والمحال العامة والصناعية والتجارية وتولي إدارة المصانع والورش والمعامل وفرض الحراسة علي أموال رعايا الدول المعادية طبقاً لقانون التعبئة العامة.
ومن حيث إن الحراسة القضائية علي الأملاك الخاصة أو التحفظ عليها بموجب أحكام من المحاكم المدنية هي حراسة القصد منها تحقيق مصالح خاصة ، وهي تختلف عن منع المتهمين من التصرف في أموالهم أو إدارتها بموجب أوامر من النائب العام أو المحكمة الجنائية المختصة في الحالات المحددة من قانون الإجراءات الجنائية ، فالمقصود من هذا المنع ضمان تنفيذ ما عسي أن يقضي به في الدعوي الجنائية من غرامة أو رد أو تعويض ، أما الحالات التي تتدخل فيها جهة الإدارة في شئون الملكية الخاصة بفرض الحراسة الإدارية عليها أو بالاستيلاء مؤقتاً علي المال الخاص ، فإنها تختلف في طبيعتها عن الحراسة القضائية وعن المنع من التصرف أو الإدارة طبقاً لنص المادة (208 مكرراً أ ) من قانون الإجراءات الجنائية ، في أن تدخل الإدارة في شئون الملكية الخاصة محظور إلا في الحالات المحددة قانوناً علي سبيل الحصر ، وأن الغرض والغاية من التدخل يجب أن يقصد منه تحقيق المصلحة العامة ، وأن التعرض للملكية الخاصة في هذه الحالات يتم فى شكل عمل إداري يخضع لرقابة المشروعية التي تختص بها محاكم مجلس الدولة .
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بأن الحراسة بالنظر إلى طبيعتها ومداها لا تعدو أن تكون إجراء تحفظياً لا تنفيذياً ، وأنما تعتبر تسلطاً على الأموال المشمولة بها في مجال صونها وإدارتها فلا يكفى لفرض مجرد أمر على عريضة يصدر في غيبة الخصوم بل يكون توقيعها فصلا ًفي خصومة قضائية تقام وفقاً لإجراءاتها المعتادة ، وتباشر علانية في مواجهة الخصوم جميعاً ، وأن فرض قيود على بعض الأموال عن طريق حراستها لا يكون إلا من خلال الخصومة القضائية وإلا كان تحميل المال بها – في غيبة الخصومة القضائية – عملاً مخالفاً للدستور . حكم المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/10/1996 في القضية رقم 26 لسنة 12 ق دستورية ”
ومن حيث إن الملكية الخاصة قبل اكتسابها تكون محض رخصة ، وبعد اكتسابها تصبح حقاً ثابتاً ، وييسر القانون اكتسابها بالوسائل المشروعة ويحميها بعد قيامها ، والملكية ضرورية لتأكيد استقلال الإنسان وحريته واعتماده على نفسه فمن لا يملك شيئاً مضطر للاعتماد على غيره ، وحيث لا تكون ملكية لا توجد حرية ، والحماية الدستورية والقانونية للمكية الخاصة لا تقتصر على حالات غصبها ونزعها على غير إرادة أصحابها بغرض سلبها وحرمانهم منها ، وإنما تمتد حمايتها إلى أي انتقاص من سلطات المالك التي يكفلها له القانون ، وكل عمل تقوم به الإدارة ينطوي على حرمان المالك من الانتفاع بملكه أو استعماله أو استغلاله أو التصرف فيه أو من حقه في إدارته بنفسه أو بأية وسيلة يختارها – دون سند من القانون – يكون واقعاً في دائرة عدم المشروعية ويشكل عدواناً على حق الملكية .
ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق أن أحد المواطنين أقام الدعوى رقم 2315 لسنة 2013 مستعجل القاهرة ضد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية والنائب العام وطلب الحكم بصفة مستعجلة بحظر أنشطة تنظيم وجماعة وجمعية الإخوان المسلمين والتحفظ على أموالها وأموال المنتمين إليها ، وبجلسة 23/9/2013 حكمت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في مادة مستعجلة بحظر أنشطة تنظيم وجماعة وجمعية الإخوان المسلمين وما يتفرع عنها أو يتبعها من منشآت وجمعيات أو يتلقى منها دعماً مالياً ، والتحفظ على جميع أموالها العقارية والمنقولة والسائلة ، والعقارات والمنقولات والأموال المملوكة للأشخاص المنتمين إليها . وتشكل لجنة مستقلة من مجلس الوزراء لإدارة الأموال المتحفظ عليها إلى حين صدور أحكام قضائية باتة بشأن ما نسب إلى الجماعة وأعضائها من اتهامات جنائية ، وأصدر مجلس الوزراء القرار رقم 1141 لسنة 2013 بتشكيل لجنة لإدارة الأموال المتحفظ عليها ، كما أصدر وزير العدل القرار رقم 7995 لسنة 2013 بتشكيل لجنة لتنفيذ الحكم المشار إليه ، وقد أصدرت هذه اللجنة القرار المطعون فيه – استناداً على أن المدعى ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين وتضمن التحفظ على أموال المدعي العقارية والمنقولة والسائلة ومنعهم من التصرف فيها .
ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق أن جهة الإدارة لم تستند في إصدار القرار المعطون فيه إلى أي قانون يخولها سلطة إصداره ، وإنما استندت إلى حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة المشار إليه .
ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق أن اللجنة الإدارية المشكلة بقرار وزير العدل لتنفيذ الحكم المشار إليه أصدرت القرار المطعون فيه بالتحفظ على أموال المدعي ومنعه من التصرف فيها بناء على ما ورد إليها من أن المدعي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين فمن ثم فإن القرار المطعون فيه هو قرار اللجنة المشار إليها وصنيعة يديها وحدها ، وإن حاولت ستره خلف حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة على أنه عمل من أعمال تنفيذ الحكم على خلاف الحقيقة ، وقد ترتب على القرار المطعون فيه وضع أموال المدعى تحت الحراسة الإدارية دون سند من القانون .
ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق أن جهة الإدارة بإصدار القرار المطعون فيه اعتدت على ملكية المدعي وأنقصت من حقوقه الدستورية والقانونية على ملكيته دون سند من القانون ، كما أنها اغتصبت اختصاص القضاء في هذا الشأن، لأنه على فرض أن المدعي ارتكب سلوكاً يشكل جريمة جنائية فإن ذلك لا يبرر لجهة الإدارة التدخل بقرار أدارى لحرمان المدعي من إدارة أمواله والتصرف فيها , فالمنع من التصرف أو الإدارة ينبغي أن يصدر من المحكمة الجنائية المختصة وفقا للضوابط المقررة في قانون الإجراءات الجنائية .
ومن حيث إن المحكمة تدرك أن الإرهاب يشكل خطراً على المجتمع وأن على جهة الإدارة واجب مواجهته ، إلا أن مواجهة الإرهاب وكل خروج على القانون يجب أن يتم بالوسائل والإجراءات المشروعة ولا يجوز لجهة الإدارة أن تتخطى أو تتجاهل أحكام الدستور والقانون ، فخطر الاستبداد على المجتمع ليس أقل من خطر الإرهاب .
وبالبناء على ما تقدم ولما كان البادي من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه الصادر بالتحفظ على أموال المدعى العقارية والمنقولة والسائلة ومنعه من التصرف فيها قد صدر بالمخالفة للقانون وانطوى على اغتصاب سلطة القضاء ، فإنه يرجح الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه عند الفصل في موضوع الدعوى ، ويكون ركن الجدية اللازم للحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه قد تحقق كما تحقق ركن الاستعجال لأن حرمان المدعي من إدارة أمواله ومنعه من التصرف فيها ينال من الحماية الدستورية للملكية الخاصة ، وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن المساس بالحقوق الدستورية التي يحميها الدستور يتحقق معه ركن الاستعجال، ويتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وأخصها رفع التحفظ على أمواله المدعون العقارية والمنقولة والسائلة وإنهاء منعه من التصرف فيها ، وتسليمه إليه كاملة غير منقوصة .
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم المصاريف طبقاً لنص المادة 184 من قانون المرافعات .
فلـــــهذه الأسباب
************
حكمت المحكمة: بقبول الدعوي شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب علي ذلك من آثار علي الوجه المبين بالأسباب ، وألزمت جهة الإدارة مصاريف هذا الطلب ، وأمرت بإحالة الدعوي إلي هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوع الدعوي.
سكرتير المحكمة رئيس المحكمة
ناسخ / حسام إبراهيم